سرطان الثدي
لأنك أعظمُ المحاربات، نحتفلُ بانتصارُك، ونشجعَ رحلتُك على الانتصار
الشهر الزهري، شهرُ انتصارُك على المرض
سيدتي لانحتاج ليومٍ لنتذكر أنك أعظمُ المُحاربات لهذا المرض، و أنك الوردةُ الزهرية التي كسرت عوارض المرض بجمالها، فلا تيأسي الفضاء ممتلئ بضحكات خبئتِها انت، تعزفُ موسيقى سلالِمُ نوتاتها “الأمل”، اسمٌ من أنُوتثُك أنتِ، سيطل شهر تشرين الأول/أكتوبر ككل عام هو الشهر الزهري للتوعية بسرطان الثدي الذي يصيب سنويا 1.4 مليون امرأة، نحن نحتفل بانتصارك، ونشجع رحلتك على الانتصار، و نحثك على الفحص المبكر لتكوني كما انت في كل المراحل منتصره.
سرطان الثدي هو أكثر السرطانات شيوعا عند النساء، إذ يمثل ربع المصابات بكل أنواع السرطان، فرغم عدد الإصابات التي تسجل سنوياً، إلا أنّ معظمهن يتغلبن عليه بإرادتهن واصرارهن على الشفاء، وهذه ناحية أخرى تلعب دورا حاسما في معالجة هذا المرض وغيره من الأمراض، وهي الحالة النفسية للإنسان.
و قبل الخوض في هذا الموضوع الذي يشغل بال الكثيرين حول العالم؛ لابد أن نشير الى الجهود الكبيرة المبذولة من قبل العلماء لتطوير علاج لسرطان الثدي ، فتطور الأبحاث عن هذا المرض تقول مازال الباحثون يدرسون التكاثر المخيف لبعض الخلايا وصعوبة السيطرة عليه والذي يؤدي لهذا النمو الخبيث، ومن خلال جهود الباحثين تم الاعتماد على الإحصائيات لمعرفة العوامل التي تؤثر على نسبة الإصابة به، وبفضل هذه الإحصائيات نحن نعرف اليوم أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي عند من يتناولن الكحول أو المدخنات أو صاحبات الوزن الزائد أكبر مقارنة بالفئات الأخرى.
ومن هذه الإحصائيات ايضا استطاع العلم أن يعرف أنه عند وجود قصة عائلية لهذا المرض تكون نسبة الإصابة أعلى، وإذا كان القريب من الدرجة الأولى أو في حال وجود أكثر من قريب أصيب بسرطان الثدي يرتفع احتمال الإصابة به إلى الضعف، لذلك فإن الإقلاع عن التدخين وتخفيف شرب الكحول واتباع نظام غذائي صحي يخفض من نسبة الإصابة بالسرطان، كما أن الامتناع عن الطعام الدسم وممارسة الرياضة بانتظام والاعتماد على الإرضاع الطبيعي يقلل احتمال الإصابة بسرطان الثدي بنسبة قد تصل إلى أربعين في المئة، وهذه نسبة غير بسيطة.
ولكي تكوني سيدتي بخير وتتخطي كل العوامل المؤدية للإصابة بالمرض، عليكي بالتشخيص المبكر، والذي يرفع احتمال الشفاء الكامل إلى أكثر من 90 في المئة، وبما أن الثدي عضو سطحي وخارجي فإن إمكانية التشخيص المبكر ممكنة بإتباع عدة وسائل بسيطة؛ أولها الفحص الذاتي للثدي بوضعية الاستلقاء على الظهر وقيام اليد اليمنى بتحسس الصدر الأيسر وبالعكس، والبحث عن أي عقدة أو كتلة لم تكن موجودة سابقا في الثدي أو تحت الإبط، أو أي تغييرات أخرى في حجم وشكل الثدي ولون وشكل الجلد والحلمة، ويمكن إجراء هذا الفحص بوضعية الوقوف أثناء الاستحمام أو أمام المرآة مرة في الشهر، وهناك الفحص الدوري السريري عند الطبيب والفحص الشعاعي للثدي كل سنتين للسيدات فوق الأربعين، ويمكن إجراؤه بعمر أصغر للواتي لديهن قصة عائلية بالإصابة بهذا المرض.
ارتفعت خلال العقود الماضية بشكل كبير نسبة الشفاء بعد الإصابة بسرطان الثدي؛ فهناك اليوم أكثر من 15 مليون امرأة أصبن بهذا المرض، 73 في المئة منهن كان تحسن حالتهن الصحية يعود لاستخدامهن الأدوية الحديثة في علاج هذا المرض.
وكل المؤشرات اليوم تبشر بإحتمالية القضاء على هذا الخبيث، فيوجد الآن 1100 دواء جديد قيد التطوير والدراسة من أجل السرطان، بينهم 100 دواء خصيصا لسرطان الثدي، و85 في المئة من الأدوية الجديدة لمعالجة الأورام الخبيثة هي الأولى من نوعها، أي تستخدم آليات جديدة وفريدة لمعالجة المرض، إحدى هذه الآليات الواعدة هي المعالجة المناعية، التي استعاضت عن التركيز على قتل الخلية السرطانية بالعلاج الكيماوي أو الأشعة، بتحفيز الجهاز المناعي في الجسم ليقوم بمحاربة الخلية السرطانية بما يؤدي لإبطاء نموها وانتشارها ومن ثم التخلص منها بنفس الطريقة التي يهاجم فيها الجراثيم والفيروسات، ومن بين هذه الأبحاث تطوير لقاحات خاصة لتنشيط الجهاز المناعي والتي تحمل آمالا واعدة لمرضى السرطان في العالم، ونتيجة التقدم السريع التي تحرزها هذه الأبحاث تزداد نسبة الالتزام الدولي بإنفاق المزيد من الأموال على الأبحاث الطبية التي تطور هذه العلاجات لأن ذلك يصب في النهاية في مصلحة المجتمع.
و مازلنا بانتظار تطوير الأبحاث الواعدة التي ستقدم علاجات نهائية لسرطان الثدي، ويخلق أملاً جديداً لحياةٍ تخلو منه، ومن المفيد التركيز على كل وسائل الوقاية من المرض عبر الحياة الصحية، واتباع وسائل وفحوصات الكشف المبكر.
من هنا تأتي أهمية هذا الشهر الزهري، تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، الذي يهدف بالإضافة للتوعية بهذا المرض إلى تقديم الدعم النفسي والمساندة لمن يعانين منه، لأن أمثال هذه المبادرات التي تحيط المرضى بمناخ من الحب والتضامن وتسهم في تحسين حالتهم النفسية فإنها بذلك ترفع من مقاومتهم الفعلية للمرض حتى إلى درجة الشفاء الكامل.